Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فقهي”
جواب سؤال
التبني والقياس في أصول الفقه
إلى يحيى أبو زكريا

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حفظكم الله شيخنا وأعانكم على حمل الأمانة وأيدكم بنصره القريب بإذنه تعالى.
اسمح لي شيخنا بهذا السؤال حفظكم الله تعالى وزادكم بسطة في العلم والصحة.
سؤال في أصول الفقه.

جاء في كتاب الشخصية الجزء الأول في موضوع الاجتهاد: (ومن الاجتهاد قول علي رضي الله عنه في حد الشرب “من شرب هذى ومن هذى افترى فأرى عليه حد المفتري” وهو قياس للشرب على القذف لأنه مظنة القذف، التفاتا إلى أن الشرع قد ينزل مظنة الشيء منزلته، كما أنزل النوم منزلة الحدث، وكما أنزل الوطء في إيجاب العدة منزلة حقيقة شغل الرحم. فهذا كله اجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم وإجماع منهم على الاجتهاد.) انتهى الاقتباس.

والسؤال: نحن نتبنى أن الحدود والكفارات والرخص والعبادات لا يجري فيها القياس.

فكيف نقيس حد الخمر على حد القذف بعلة أن الشرب مظنة القذف؟
وإذا كان الشرع قد جعل النوم ناقضا للوضوء وأنزله منزلة الحدث لأنه مظنة الحدث. فهل يمكن أن نقيس عليه الإغماء والسكر والجنون لأنها مظنة الحدث؟ مع أن هذه تعتبر من العبادات. وبارك الله بكم

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

أولاً: نعم هناك أمور لا نتبنى فيها:

1- جاء في كتاب مفاهيم حزب التحرير صفحة 36-41 ملف الوورد:
[والأنظمة الإسلامية أحكام شرعية تتعلق بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات والمعاملات والعقوبات.
فالأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات لا تعلل، قال عليه الصلاة والسلام: «حرّمت الخمرةُ لعينها». وأما الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات والعقوبات فإنها تعلل، لأنّ الحكم الشرعي فيها مبني على علة كانت الباعث على تشريع الحكم... فما ورد النص فيه من الأحكام معللاً فإنه يعلل ويقاس عليه، وما ورد النص فيه غير معلل لا يعلل مطلقاً وبالتالي لا يقاس عليه.] انتهى.

2- جاء في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الثالث باب “شروط حكم الأصل” صفحة 346-347 ملف الوورد:
[خامسها: أن لا يكون حكم الأصل معدولاً به عن سنن القياس، والمعدول به عن سنن القياس على قسمين:

الأول: ما لا يعقل معناه، وهو إما مستثنى من قاعدة عامة، أو مبتدأ به. فالمستثنى من قاعدة عامة مثل قبول شهادة خزيمة وحده، كما روى البخاري، فإنه، مع كونه غير معقول المعنى، مستثنى من قاعدة الشهادة. والمبتدأ به مثل أعداد الركعات، وتقدير أنصبة الزكاة، ومقادير الحدود والكفارات، فإنه، مع كونه غير معقول المعنى، غير مستثنى من قاعدة عامة، وعلى كلا التقديرين يمتنع فيه القياس...) انتهى.

ثانياً: أما كيف يكون التبني، فلتوضيح ذلك نذكر الأمور التالية:
1- جاء في شرح المادة 3 من المقدمة:

(... ذلك أن الأحكام الشرعية وهي خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد جاءت في القرآن والحديث، وكان فيها الكثير مما يحتمل معاني عدة حسب اللغة العربية وحسب الشرع؛ لذلك كان طبيعياً وحتمياً أن يختلف الناس في فهمها...

ولهذا كان واجباً على كل مسلم أن يتبنى حكماً شرعياً معيناً حين يأخذ الأحكام للعمل، سواء أكان مجتهداً أم مقلداً، خليفة أم غير خليفة...).
2- وجاء في شرح المادة 4 من المقدمة ما يلي:

[غير أنه ظهر من حوادث المأمون في فتنة خلق القرآن أن التبني في الأفكار المتعلقة بالعقائد قد أوجد مشاكل للخليفة وفتنة بين المسلمين؛ لهذا فإن الخليفة يرى أن لا يتبنى في العقائد والعبادات إبعاداً للمشاكل، وحرصاً على رضا المسلمين وطمأنينتهم، ولكن ليس معنى عدم التبني في العقائد والعبادات أنه يحرم على الخليفة أن يتبنى فيهما، بل معناه أن الخليفة يختار عدم التبني فيهما، إذ له أن يتبنى وله أن لا يتبنى فاختار عدم التبني، ولذلك جاء في المادة تعبير (لا يتبنى) ولم يأت بها تعبير (لا يجوز أن يتبنى) مما يدل على أنه يختار أن لا يتبنى.]
3- جاء في نشرة التبني الصادرة في 14/7/1998 ما يلي:

(...وقيام الحزب على الفكرة بكل ما فيها من اختلافات في الأصول والفروع أمر غير ممكن، ولا ينطبق على مسمى الحزب لغة، فحزب الرجل لغةً هم أصحابه الذين على رأيه. ومن هنا كانت فكرة التبني لازمة للحزب، ولهذا كان من أولى مواصفات حزب التحرير كحزب مبدئي هو التبني. وهذا التبني هو الذي جعله حزبا، لأن الحزب لا يكون حزبا حتى يكون له رأي واحد في كل فكر، أو رأي، أو حكم شرعي، يلزمه. لأنه إذا لم توجد عنده وحدة الفكر، فإنه لن تكون وحدة كيانية متماسكة... 20 من ربيع الأول 1419هـ 14/7/1998م)

ثالثاً: وكما ترى من المذكور أعلاه فلمسلم أن يتبنى في كل ما يلزمه، سواء أكان خليفة أم رئيس حزب أم كان فرداً، وهذا من حيث الأصل في كل أمر، وذلك وفق أحكام الشرع بالنسبة لصلاحياته، وحدود التبني المسموح له... لكن الحزب رأى بعد أحداث المأمون أن لا يتبنى في العقائد والعبادات مع استثناء بعض الحالات... ثم جعل التبني في أمور ولم يتبن في أمور للأسباب التي ذكرها...

رابعاً: وسؤالك عن اجتهاد علي في موضوع حد شارب الخمر كان في عهد الصحابة فكانوا يجتهدون اجتهاداً شرعياً في كل أمر، فلما شاورهم عمر في الحد الأقصى في شرب الخمر وردت هذه الاجتهادات ومنها اجتهاد علي المذكور... والمسألة وضحناها في الشخصية الجزء الأول فقد ورد فيه: (... وهذا ما تواتر إلينا عنهم تواتراً لا شك فيه. فمن ذلك قول أبي بكر لما سُئل عن الكلالة قال: “أقول فيه برأيي، فإن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء. الكلالة ما خلا الولد والوالد”. وليس معنى قوله أقول فيه برأيي أن هذا الرأي من عنده، بل معناه أقول ما أفهمه من لفظ كلالة في الآية...

ومن الاجتهاد أنه قيل لعمر أن سمرة أخذ من تجار اليهود الخمر في العشور وخللها وباعها فقال: قاتل الله سمرة، أما علم أن النبي ﷺ قال: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها» رواه مسلم من طريق ابن عباس. فقاس عمر الخمر على الشحم وأن تحريمها تحريم لثمنها.
ومن الاجتهاد قول علي رضي الله عنه في حد الشرب «من شرب هذى ومن هذى افترى فأرى عليه حد المفتري» وهو قياس للشرب على القذف لأنه مظنة القذف، التفاتاً إلى أن الشرع قد ينـزل مظنة الشيء منـزلته، كما أنزل النوم منـزلة الحدث، وكما أنزل الوطء في إيجاب العدة منـزلة حقيقة شغل الرحم. فهذا كله اجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم وإجماع منهم على الاجتهاد...) انتهى

وكما ترى فللمرء أن يتبنى في كل ما يلزمه... لكننا بناء على فهمنا للأحداث في عهد المأمون رأينا أن لا نتبني في أمور ونتبنى في أمور أخرى... وموضوع اجتهاد علي رضي الله عنه الذي تسأل عنه كان في عهد الصحابة أي قبل أحداث المأمون.
أما مسألة حد شارب الخمر فهناك أدلة من السنة والإجماع بأن الحد إما 40 وإما 80 وهي ثابتة بأدلة صحيحة حتى إنه صح عن علي رضي الله عنه كما جاء عند ابن أبي شيبة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: “شرب نفر من أهل الشام الخمر وتأولوا الآية الكريمة، فاستشار فيهم (يعني عمر) فقلت: أرى أن تستتيبهم، فإن تابوا ضربتهم ثمانين، وإلا ضربت أعناقهم لأنّهم استحلوا ما حرم، فاستتابهم فتابوا، فضربهم ثمانين ثمانين”.

وكذلك فقد أخرج مسلم في حديث حُضَين بن المنذر في جلد الوليد أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: “جلد النبي ﷺ أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سُنّة”.

هذان الحدان هما حدّ شارب الخمر، ولا يجوز غير هذين الحدّين مطلقاً، لأنّه لم يرد عن النبي ﷺ ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم أنه جلد غير الأربعين والثمانين... إلاّ أنه يجوز للخليفة أن يوجب أحدهما، أي يجوز له أن يأمر بأحدهما إلزاماً ويجعله واجباً، لأنّه إن أوجب الثمانين فقد دخلت فيها الأربعون الثابتة بالسنة والزيادة الجائزة بالتقدير الذي اتفق عليه الصحابة وهو الثمانون، وإن أوجب الأربعين فإنها ثابتة بالسنة، وما زاد عليها جائز للإمام، وليس واجبا عليه، فيكون لا شيء عليه بإيجاب الأربعين فقط.

خامساً: أما عن سؤالك الآخر: (وإذا كان الشرع قد جعل النوم ناقضاً للوضوء وأنزله منزلة الحدث لأنه مظنة الحدث... فهل يمكن أن نقيس عليه الإغماء والسكر والجنون لأنها مظنة الحدث مع أن هذه تعتبر من العبادات؟...) فجوابه أننا لا نقيس هنا بل نجيب كما في أحكام الصلاة: (وينقض الوضوء أيضاً النوم، والغلبة على العقل بغير النوم... أما زوال العقل بغير النوم فهو أن يجن أو يغمى عليه أو يسكر أو يمرض فيزول عقله فينقض وضوؤه... والدليل على ذلك الإجماع كما رواه ابن المنذر) انتهى.

هذا ما أرجحه في هذه المسائل والله أعلم وأحكم.

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

رابط الجواب من .(JavaScript must be enabled to view this email address)
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

27 ربيع الأول 1443هـ

 
03/11/2021م
 



إقرأ أيضا:-