Aya

1953

HT logo
  adv search
new email def main site arabic
info office misc wilayat books tahleelat lflts  
                 
 
:::

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فقهي”
جواب سؤال
حديث “لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه”
فيه شبهة تعارض مع حديث عودة الخلافة

إلى الرياحي أبوا فاطمة

السؤال:

أخي في الله أمير حزب التحرير، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما صحة هذا الحديث وإن كان صحيحاً نرجو منك الشرح وجزاك الله كل خير
حديث الزبير بن عدي رحمه الله قال: “أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: “اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم ﷺ”. رواه البخاري

الجواب:

في البداية أذكِّر بأمرين في الأصول لتوضيح الجواب:

1- إذا كان في الأدلة شبهة التعارض فيُعمد إلى الجمع بين الأدلة لأن إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.
2- فإن تعذر الجمع يُعمد إلى الترجيح بين الأدلة وفق قواعد الترجيح.

والآن نجيب على السؤال:

أخرج البخاري عن الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ ﷺ. هذا الحديث يفيد أن كل زمان شر من الذي قبله.
وهذا الحديث فيه شبهة التعارض مع أحاديث أخرى:

أ- فيه شبهة تعارض مع حديث عودة الخلافة وهي خير من الملك الجبري الذي سبقها:

أخرج أحمد في مسنده عن حذيفة بن اليمان قال: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «...ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» ثُمَّ سَكَتَ).

ب- ومع حديث ظهور المهدي (من بيت الرسول ﷺ) الذي يملأ الأرض عدلاً بعد الجور الذي سبقها:

أخرج الطبراني في المعجم الكبير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً».

ج- وكذلك شبهة التعارض مع حديث نزول عيسى عليه السلام بعد وجود شر الدجال الذي سبقه:

أخرج الطبراني في الكبير عَنْ سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ يَلْبَثُ فِي الأَرْضِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَجِيءُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللُّه عَلَيْهِ مِنَ الْمَشْرِقِ، مُصَدِّقاً بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَعَلَى مِلَّتِهِ، ثُمَّ يَقْتُلُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ».

فحديث كل زمان شر مما قبله فيه شبهة التعارض مع هذه الأحاديث التي تفيد أن زمانها خير من الذي قبله وليس شراً منه... وكما ذكرت في البداية فإن أمكن الجمع فهو الأوْلى وإلا يعمد إلى الترجيح... وبتدبر هذه الأحاديث يتبين أنه يمكن الجمع بأن يفهم حديث البخاري (كل زمان شر مما قبله) ليس على العموم بل مخصصاً في غير الحالات السابقة أي قبل عودة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة... وكأنَّ هذا يوافق حديث رسول الله ﷺ الذي أخرجه البخاري عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ» وأخرجه مسلم أيضاً بلفظ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ - ثُمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ» وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: «وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» وهكذا فكلما كان الزمان أقرب إلى رسول الله وصحابته كانت الخيرية أكثر والشر أبعد إلى أن تعود الخلافة الراشدة من جديد فيعود الخير فيها بدل الشر الذي قبلها في الملك الجبري.

وبطبيعة الحال فإن المقصود بكل زمان أي الغالب فيه وليس ظهور أفراد على خلاف الغالب، فمثلاً الخليفة عمر بن عبد العزيز كان في عدله على غير خلفاء بني أمية، ثم بعض الخلفاء في العصر العباسي والعثماني إلى أن انتهت الخلافة 1342هـ-1924م وتبعها الشر الكبير بالملك الجبري ومن بعد تعود الخلافة على منهاج النبوة من جديد ويشرق معها الخير ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

هذا ما أرجحه في هذه المسألة والله أعلم وأحكم.

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

رابط الجواب من المكتب الإعلامي المركزي
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك:

13 ربيع الآخر 1443هـ

 
18/11/2021م
 



إقرأ أيضا:-